الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

دَاْرْكْ رُوْمْ! Dark Room!


دَاْرْكْ رُوْمْ!
Dark Room!

نهلة جابر
البصــرة


في وطني..
كانَ الدمُ المثلَّجُ يترنّحُ كأفعى ثملةٍ
تمتلئُ الشوارعُ بجثثٍ باهتةٍ
تحتَ ضياءٍ قاسٍ من مصابيحَ عاليةٍ ونائيةٍ
***

وطني غرفةٌ فوتوغرافي سوداء
تتظهّرُ فيها أرواح الناسِ
تحتَ تأثيرِ :
مركباتٍ،
ونصوصٍ،
وورقِ تصويرٍ شديدِ الاصفرار
***

رأسُكَ الأخضرُ الممطرُ
يتلفَّعُ بعباءاتِ الصبحِ
يداعِبُهُ لهبُ الرّيحِ في أحضاني
وزمنٌ كعلبِ صفيحٍ في ظهيرة تموزية
رأسُكَ تغمُرُهُ إضاءةٌ سرّيّةٌ
ينزفُ بردا من شفتيْكَ
ينبعُ من جهةِ القلب
***
محزونةٌ أنتِ أيتُها الروح
تمتلئينَ صمتا ولوعاتٍ مترسبةً في قيعانِ الروحِ
فمُكِ أعجف
وأرديتُكِ ملطّخَةٌ بطبقاتٍ من صمتٍ مترسبٍ
فمُكَ أعجفُ والهواءُ مليءٌ بموسيقى قناديلَ مطفأةٍ
أَبني مدناً
من ورقٍ
وخيوطٍ مُنَشَّاْتٍ
وأضواءٍ ساخنةٍ
وأزيِّنُها بأقمارٍ حقيقيةٍ
ولكنْ..
تبقى أنتَ
صَنَعْتُكَ من شمعٍ
...فأطاح ذوبانُكَ بكلِّ مخططاتي
***

بنيتُ مدناً
من أساساتِ..
ودعاماتٍ يسنُدُها الضوءُ
كان ضوءاً ساخناً جداً
ولكنَّ الظلالَ كانت ببرودةِ الثلج
***

حينَ أتممتُ بناءَ مدينتي
كانت عامرةً في كلِّ تفاصيلِها
ولكنَّ حركاتِ تمثالِكَ الذي صنعَهُ امهرُ النحاتين
كانتْ ميكانيكيةً مثل روبوت

أهجس فحيح احتراقك






أهْجُسُ... فَحِيْحَ احْتِرَاقِكَ

نَهْلَة جَابِر

1
دَعْنَا نَحْتَفِي بِأَشَدِّ الْمَعَاصِيْ
الْخَسَارَاتُ مَقْبُوْلَةٌ فِيْ الْأَزْمِنَةِ الْخَطَأِ
فَاسْتَبِحْ خَرَائِطِي فِيْ أَرْوِقَةِ الافْرِشَةِ :
الْمِتَعُ مَبْثُوْثَةٌ عَلَى سَرِيْرِكَ
وَفِيْ أَعْمَاقِي الْغَائِرَةِ
لَحَظَاتٌ اؤَجِّرُهَا لِحُلْمٍ عَابِرٍ
أَرَاكَ حَزِيْنَا كَفَاخِتَةٍ
فَدَعْنِي أَنْشَبُ أَنْيَابِي بِكَتِفِكَ مِثْلَ قِطّةٍ غَارِقَةٍ فِيْ مُوَائِهَا
دَعْنِيْ أَذُوْبُ كَذِكْرَيَاتِي دَعْنِيْ ارْضَعُ نِيْرَانَكَ الآثِمَةَ
إِنِّي اهْجُسُ فَحِيْحَ احْتِرَاقِكَ دَاخِلِي
فَتَرَفَّقْ بِقُطْعَانِ أُنُوْثَتِيْ

2
مَلَلْتُ مَقَابِرَ التَّوَجُّعِ فِيْكَ
وَالْسَّكَنَ فِيْ أَرْصِفَةِ الْذِّكْرَيَاتِ الَّتِيْ...
تَتَدَلَّى كَعُنْقُودِ الْزَّمَنِ
رُوْحِيْ تَحْفَظُ ذِكْرَيَاتِكَ مُعَلَّبَةً كَعُلَبِ الْسَرْدِينِ
أَجِدُكَ كَسِيْحا...
تَنْزِفُ آَخَرَ أَقْدَاحِ خَمْرِ مَرَاقِدِ الْرُّوْحِ
عُبِّئْنا قُيُودا
فَصَارَ الْضَّوْءُ : رُفَاتْا وجُرُوْحا
وَتَرَكَ وَشْما عَلَىَ أَجْسَادِنَا...
الْمَوْبُوْءَةِ الْمُعَرَّاة

3
أَصْقَاعٌ تَنْأَىْ بِي
ذَاتَ الْيَمِيْنِ
وَذَاتَ الْشِّمَالِ
أَنْفَاسُكَ تَطُوْفُ قُبَالَتِيْ كَأَشْبَاحِ الْمَقَابِرِ
حَانَتُكَ مُشَرَّعَةٌ
وَدِنانُكَ مُتْرَعَةٌ
وَرُوْحِيْ مُقْفِرَةٌ مِنْكَ
صَرَخَاتِيْ شَظَايَا فِيْ قُمْقُمِ هَوَاجِسِي
فترجّلْ
إِنِّي طَرِيْدَةُ الْشَوْقِ إِلَيْكَ
رِجَالِي أَغْبِيَاء
لَكِنّ دِفَأَهُمْ يَحْرِقُ قَرَارِيْ
مَازَالَتْ بَلْطَاتِهُمْ تُذْبَحُ قِدَاحِي
وَتَلْعَقُ حسكَ الْشِّفَاه
تَحْتَضِرُ تَحْتَ بَسَاطِيْلِ الْمَوْتِ مِثْلَ غَجْرِيّاتٍ
أَحَالَهُنَّ الْتَشَظِّي الَى...
مَخْمَلٍ دَافِئٍ مِثْلَ عُشْبٍ مَدَاسٍ
4
حِيْنَ أَذُوْبُ تَحْتَ هَجِيْرِكَ
أَرَى الْعَالَمَ أَشْلاءً
وَالاحُجيَاتِ... وَالْأَسَاطِيْرَ لَمْ تَعُدْ مُعْجِزَاتٍ الْسَّمَاءُ
تُمْطِرُ رِجَالا وَخُيُولا
وَالصّحَارَىْ تَسْتَيْقِظُ مِنْ سُبَاتِهَا
فَتَطِيْرُ مَعِي فَوْقَ الْسُّحُبِ
5
حِيْنَ تَنْتَهِي طُقُوُسُنا
نَكُوْنُ كَسَرْنَا أَصْنَامَ الْخَزَفِ الَّتِيْ...
رُتِّقَتْ لِكَبْحِ أَرْوَاحِنَا
تَجَرّأْ ....
وَسَأَمْنَحُكَ أَجْنِحَةَ فَرَاشَاتِي
مَتَاعا لْمَوَاسِمِ الْهِجْرَةِ الْآتِيَةِ
لا تَعْلَمْ مَتَى تَشْتَهِيْكَ خَيَالاتُ الذَّاكِرَةِ ضَيَاعا شَغَفَا بَرْدَا
تَجَلَّدا
فِيْ مَوَاسِمِ الأَلَمِ
6
طُقُوْسُكَ تَسْتَفِزُّنِي
وَتُؤْلِمُنِيْ حَبّاتُ الْحَصَى صَوْبَ قَلْعَتِكَ
وعَبَقُ القَدَاسَةِ فِيْ مَوْتِكَ
7
أَنَا امْرَأَةٌ.... حِيْنَ تَمَرَّدَتْ
مَسَخَهَا الْلَّهُ طِيْنَةً مِنَ الأَلَمِ
الْتَقَيْتُكَ فِيْ مُدُنِ الْضَّوْءِ وَحِيْنَ وَجَدْتُكَ هُنَا
كُنْتَ مُضَمَّخا بِالْجِرَاح
تُهَاجِرُ بِأَضْلاعٍ مَكْسُوْرَةٍ
8
وَأَنْتِ....
يَا دُمُوْعَ أَحْدَاقِ الْشَّهْوَةِ
لَمْ تَعُدْ تَرَاتِيْلُكِ الْبَيْضُ تَرَاتِيْلا
9
قَالَ :
"ضَعِيْ أَحْلامِي فِيْ جُيُوبِكِ ....
وَارْحَلِيْ"
10
كَانَتْ الأَحْزَانُ...
تُرَتِّبُ لَيْ طَرِيْقِيْ